الجمعة، 23 مارس 2012


الصين على مفترق الطرق - د.عبدالله بن عبدالمحسن الفرجطباعةأرسل إلى صديق
الكاتب: الرياض   
الجمعة, 16- 03- 2012

المقال

الصين على مفترق الطرق

د.عبدالله بن عبدالمحسن الفرج
    معروف عن السيناتورالأمريكي جون ماكين تصريحاته الاستفزازية ومواقفه المتطرفة في بعض الأحيان والتي من ضمنها يندرج تهديده لوزير خارجية الصين في مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير الماضي بأن الربيع العربي قادم إلى بلده. ورغم أن الكثير من تصريحات هذا السيناتور تفتقد الاتزان، ربما لكبر سنه، فإن المعنيين بتلك التصريحات لا يستطيعون تجاهلها بتاتاً. خصوصاً الصين التي تأخذ كل شاردة وواردة تهب من واشنطن على محمل الجد. فهذا البلد الذي تمرس على التعامل مع الولايات المتحدة، من أيام ماوتسي تونج، قد تعلم كيف يستفيد من جوانب القوة ونقاط الضعف الأمريكية. بيد أن الذهنية الصينية ربما تستعصي على أشخاص مثل ماكين. فهذا المحارب القديم المفرط في الاعتداد بالنفس ربما قد يفوت عليه رد البروفيسور الصيني على السؤال الذي طرح عليه بعد محاضرته عن تطور بلاده بقوله: إن الأمور لدينا تسير على ما يرام فقد كنا بؤساء والآن أصبحنا فقراء. كانت هذه المحاضرة في النصف الأول من ثمانينات القرن المنصرم.
ومثلما نرى فإنه منذ ذلك الحين، أي منذ ما يقارب 30 عاماً، وحتى اليوم قد جرت مياه كثيرة كما يقول المثل. فالصين هي الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم والتقارير تشير إلى احتمال تبوئها للمرتبة الأولى خلال العشرة أوالخمسة عشر عاماً القادمة. ولهذا فإن تمويل " الفوضى الخلاقة"، إذا استعرنا تعبير قائد عام شرطة دبي اللواء ضاحي خلفان بن تميم، ربما قد يكون هو الطريق الوحيد لإعاقة تقدم الصين. وهذا أمر تحسب له الصين ألف حساب. ولذا فلا غرابة أن يصرح رئيس وزرائها وين جياباو يوم الأربعاء الماضي وأن يحذر من احتمال تكرار حدوث مآسي على غرار " الثورة الثقافية " إذا لم تقم الصين بإجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تحتاجها البلاد، حيث شدد على أنه من دون إجراء الإصلاحات الأولى بنجاح فإنه سوف يكون من الصعب المضي في الاصلاحات الاقتصادية إلى النهاية.
إذاً فالصين هي على مفترق طرق. فهي إما أن تمضي قدماً في تنفيذ السياسات الاصلاحية وإما أن تخسر نتائج الانفتاح الذي شهدته على مدار العقود الثلاثة الماضية. ورغم هذا فإن التحدي الذي يواجه التنين الأصفر لا يقتصر أمره على ذلك فحسب. فالخطر يكمن، كما يبدو لي، فيما إذا كان بمقدور القيادة الصينية إدارة دفة الاصلاحات السياسية بصورة ناجحة أم لا؟.
من ناحية أخرى فإن تمكن الصين من إجراء الاصلاحات التي تحتاجها بنجاح يعني أن الطريق أمامها سوف يصبح ممهداً لاحتلال مركز الصدارة في العالم. ولذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه بنفسه هنا هو: هل من مصلحة منافسي الصين تمكينها من إجراء الاصلاحات التي تحتاجها وهل من فائدتهم أن تتكلل تلك الاصلاحات بالنجاح؟ فإذا كان الجواب بنعم فإن تصريحات ماكين يمكن أن تحسب على كبر عمر الرجل. أما إذا كان الجواب بلا فإن على الصين أن تحسب ألف حساب لتصريحات السناتور وأن تحترس من محاولات تصدير "الفوضى الخلاقة" إليها.


نقلا عن صحيفة الرياض السعودية
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق